إعجاز القرآن
هذه الورقة تحاول مقاربة الإعجاز القرآني بوصفه ظاهرة لغوية مركّبة لا مجرّد دعوى بلاغية أو تقرير لاهوتي. ننطلق من رؤية ثاقبة قديمة لدى عبد القاهر الجرجاني والباقلاني والخطّابي: أن قوة القرآن كامنة في النَّظم (العلاقات بين الكلمات) و البيان (الوضوح الذي لا يُفني العمق) و أثره الوجداني و صوته الذي يحمل المعنى. ثم نعيد صياغة هذه البصيرة بلغة تحليلية حديثة تستعين — عند الحاجة — بأدوات من Information Theory (نظرية المعلومات)، و Cognitive Science (علوم الإدراك)، و Phonetics/Linguistics (علم الأصوات واللغويات)، من غير أن نفرض عليها قراءات متكلّفة. الفرضية المركزية بسيطة ودقيقة في آنٍ معًا: القرآن يحقق أمثلية متعددة الأبعاد (multidimensional optimization) عبر أربعة محاور عادةً ما تتزاحم في الكلام البشري: الكثافة الدلالية ، و الوضوح ، و الأثر العاطفي ، و الإيقاع/الصوت . معظم النصوص ترفع محورًا وتتنازل عن آخر؛ القرآن — كما سنبرهن بالنماذج والأمثلة — يحافظ على توازن رفيع بينها كلها على مدى آلاف الآيات، من غير انهيار في النبرة أو رخاوة في المعنى. منهجيًا، نعتمد مسارين متكاملين: وصف دا...