سورة الفيل

 سورة الفيل

ملك "يوسف أسأر يثأر " المعروف بذي نواس (حوالي 523 ميلادية) اليمن واعتنق اليهودية. ووقع في عهده اضطهاد النصارى. وكان اضطهاده إياهم المبرر أو الذريعة لاحتلال اليمن من قبل الحبشة على يد أبرهة في عهد الملك الحبشي "كالب". وقيل أن ذا نواس هذا وملأه هم المعنيون بأصحاب الأخدود.
في العام 548 م قام أبرهة بقمع تمرد لتحالف مكون من بعض القبائل العربية و الحميرية والسبئية يضم قبيلة كندة كان قد قاتل النصارى إلى جانب يوسف أسأر.
وفي العام 552 م قام أبرهة بحملة على قبائل معد، واحدة ضد عامر بن صعصعة في تربة قرب الطائف والأخرى في حلبان التي تبعد قرابة 300 كيلو متر غرب الرياض وانتهت الحملة بتقديم سكان تلك المناطق أبناءهم رهائن مقابل الولاء. والنقش الذي ذكرت فيه تلك الحملة وهو نقش بئر مريغان ذكر أن هذه كانت المرة الرابعة التي يقوم فيها بحملة على تلك القبائل.
ويذكر نقش آخر يعود إلى ما بين عامي 552 و 554م أنه قام بحملة أخرى على معد وكان من نتائجها أنه طرد عمرو بن المنذر و الذي يسمى عمرو بن هند – ابن المنذر بن النعمان ملك الحيرة - من معد، وأن أبرهة توغل في الجزيرة العربية حتى أخضع يثرب.
وهذا يشير إلى خلاف ما زعمه البعض من أن حملة أبرهة على مكة هي التي ذكرت في نقش بئر مريغان. أولا لأنه ذكر أنه عاد منها منتصرا بل إنه قام بعدها بحملة حتى وصل إلى يثرب وكان هذا على أقصى تقدير في العام 554م كما تقدم. بينما الذي عليه جمهور مؤرخي الإسلام أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم كان في عام الفيل أي في العام الذي قام فيه أبرهة بحملته على مكة حتى وصل إلى وادي المغمس خارج مكة ولم يتمكن هو وجيشه من دخولها لِمَا كان من إرسال الطير الأبابيل حتى أهلكت عامة جيشة وفر هو هاربا إلى صنعاء. وكان ميلاده صلى الله عليه وسلم في إبريل من العام 571 ميلادية. أي أن حملته كانت في العام ٥٧٠ ميلادية.
والجدير بالذكر أن المؤرخين ذكروا أن أبرهة لم يصحب إلا فيلا واحدا وليس جيشا من الأفيال كما توهم البعض.
وليس من المنطقي ولا يتصور أصلا أن يسجل أبرهة بشكل أو بآخر هزيمته النكراء في حملته على مكة كما فعل في حملاته السابقة هذا لو كان قدر له البقاء طويلا بعدها، وهذا مالم يحدث لأنه بعيد ذلك هزم ابنه مسروق في معركة حضرموت في نفس العام أي ٥٧٠ م، وكان قد خلفه في ملكه.
ولعل من أصداء هذه الهزيمة أن تشجع "سيف بن ذي يزن" على طلب العون من ملك الفرس خسرو الأول العون لطرد الأحباش من اليمن فأرسل معه نحو 800 رجل أخلى سبيلهم من سجونه، وأمَّر عليهم أحد قادته يسمى وهرز. وحملتهم ثماني سفن وصلت منها ست إلى ساحل عدن. وانضم إليهم كثير من العرب. وكان يقود الأحباش مسروق بن أبرهة (وكان الأخ غير الشقيق له من جهة الأم لأن أبرهة اغتصب أم سيف من أبيه)، وانتصر سيف بن ذي يزن ووهرز على الأحباش في معركة حضرموت سنة 570م. وقد ألحقت اليمن ببلاد فارس وعين سيف بن ذي يزن ملكًا على اليمن على أن يدفع خراجًا في كل عام.
كانت هذه الأحداث هي الخلفية التاريخية لسورة الفيل. ومعنى قوله تعالى: أبابيل أي متفرقة يتبع بعضها بعضها. وحجارة من سجيل: أي حجارة من طين. فقد فسر السجيل في سياق الحديث عن قوم لوط فتارة قال حجارة من سجيل منضود وتارة قال حجارة من طين فقال: لنرسل عليهم حجارة من طين. فتبين أن السجيل نوع من الطين. والعصف هو غلاف الثمر وقيل حطام النبات.

المصادر:

Rome, Persia, and Arabia
Shaping the Middle East from Pompey
to Muhammad,
Greg Fisher, pp. 141-143

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البشارة في الإنجيل

مناهج الغربيين في الحديث النبوي

الفطرة وعلم الإدراك