رهان باسكال Pascal's wager

 رهان باسكال Pascal's wager


"الاعتقاد بوجود الله هو رهان حكيم. هب أن وجوده لا يمكن اثباته فأي ضرر يلحق بك إن رهانت على صحة ذلك الاعتقاد  واتضح أنه زائف. فإن ربحت الرهان فقد ربحت كل شيء وإن خسرت الرهان فلن تخسر شيء. إذا راهن بلا تردد على وجوده"

بليز باسكال


رهان بسكال هو مبرر للاعتقاد في وجود الله ليس مبنيا على البرهنة على وجوده.

فرهان بسكال يستند إلى نظرية الألعاب game theory، بمعنى اتخاذ القرار بالنظر بعين الاعتبار لكافة المسارات التي من الممكن أن يسلكها الفرد (باعتبار خضوعها  لسيطرته) ومآل كل واحد منها في سياق كل السيناريوهات الممكنة التي بدورها تقع خارج نطاق سيطرة الفرد. 


فالاختيار العقلاني هو الذي يغلب على الظن أن يأتي بأفضل النتائج في كل أو غالب أكبر السيناريوهات احتمالا.

ففيما يخص الاعتقاد في وجود الله هناك احتمالان لما يمكن أن يكون عليه واقع الحال

1- الاعتقاد صحيح

2- الاعتقاد خاطئ

وهذان لا سيطرة للفرد عليهما فهو لا يملك أن يجعل الاعتقاد صحيح أو خاطئ.


وهناك مساران يمكن للفرد سلوكهما فيما يتعلق بهذا الخصوص

1- أن يؤمن

2- ألا يؤمن

وهذان داخلان في نطاق سيطرة الفرد


فهذا يفرز  أربع سيناريوهات

1. إن آمنت وأنت محق، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة.

2. إن آمنت،  وأنت مخطىء فلا عقوبة.

3. إن لم تؤمن بالله وأنت مخطىء فجزاؤك الخلود في النار

4. إن لم تؤمن بالله وأنت محق فلا مكافأة على ذلك.


فيقول بسكال بالنظر لما سبق فإن الاختيار الأمثل هو أن تؤمن لأن أفضل أحوالك أن تخلد في الجنة وأسوأ أحوالك ألا يحدث لك شيء. فمن خلال الإيمان لديك فرصة للفوز  بالأفضل، وتتجنب الأسوأ بالضرورة. ومن خلال عدم الإيمان فلا فرصة لديك للفوز بالأفضل وتخاطر بالتعرض للأسوأ.


هذا الذي شرحه باسكال هو في حقيقته مضمون ما ورد على لسان مؤمن آل فرعون لما قال: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ.

فموسى  قد رغب فرعون في الإيمان بالثواب و خوفه من الكفر بالعقوبة  كما في قوله تعالى: فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وكما في قوله على لسان مؤمن آل فرعون: يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ. و في قوله تعالى: فقولا له قولا لينا .  قال الحسن البصري : أعذرا إليه ، قولا له : إن لك ربا ولك معادا ، وإن بين يديك جنة ونارا .



فإن كان كاذبا أي لا حقيقة  لثواب الله ولا لعقابه  فكذبه يشينه ولا عقوبة عليكم

وإن كان صادقا يصيبكم إما الانتقام إن كذبتم وإما المكافأة إن آمنتم ولعل هذا هو السر في قوله" بعض الذي يعدكم" لأن الوعد يصدق على الثواب و العقاب. فلن يصيبهم الثواب والعقاب جميعا، فإما الثواب وإما العقاب. فكلاهما يشكل بعض ما وعدهم به.

إلا أن هناك بعض الإشكالات منها أن عقلانية الرهان تعتمد على عدد من العوامل ألا وهي التكلفة و العائد و فرص النجاح.

أما التكلفة فهي التخلي عن بعض المتع المحرمة و بذل بعض التضحيات كالالتزام بالعبادات لكن هذا يجاب عنه بأن العائد أعظم بكثير وهذه هي طبيعة الاستثمار فلا استثمار بلا تكلفة.

أما العائد فهو أعظم من التكلفة بكثير كما تقدم.

أما فرص odds النجاح  إن كانت ضئيلة فهذا قد يجعل من الرهان غير عقلاني و هذا مما يستدرك على باسكال.

ولذلك نبه مؤمن آل فرعون إلى أن فرص النجاح في الرهان كبيرة بالنظر إلى أن موسى  جاءهم بالبينات التي ترجح صدقه. وكذلك الدلائل والبراهين على وجود الله تجعل على أقل تقدير وجوده راجحا على عدمه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البشارة في الإنجيل

مناهج الغربيين في الحديث النبوي

الفطرة وعلم الإدراك