الانحياز المعرفي

 الانحياز المعرفي


تعرف ويكيبيديا الانحياز المعرفي على أنه : (بالإنجليزية: Cognitive bias)‏ هو نمط من الانحراف في اتخاذ الأحكام. حيث يقوم الشخص باصطناع تصور عن الواقع يتسم باللا موضوعية أو الذاتية. ثم إن هذا التصور اللا موضوعي هو الذي قد يملي عليه سلوكه وليس المعطيات الواقعية الموضوعية. ويؤدي إلى تشويش للإدراك الحسي أو حكم غير دقيق أو تفسير غير منطقي، أو ما يسمى عموماً باللاعقلانية. و من هذا القبيل ما سماه فرانسيس بيكون بأصنام العقل.

وهذا ما أشار إليه القرآن باتخاذ الهوى إلها كما في قوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ. وقوله: وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ.

يقول ابن كثير رحمه الله: أي : إنما يأتمر بهواه ، فمهما رآه حسنا فعله ، ومهما رآه قبيحا تركه.


 


ومن هذا الباب قوله تعالى: كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ. وفي الحديث: لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه.

ومن جملة ما عده بيكون من أصنام العقل ما يعرف بأوهام المسرح وهو ما يعبر عنه القرآن بقوله: بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ. وقوله على لسان فرعون و ملئه: قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا.


فالمقصود بقول الله تعالى: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. ليس معناه أنهم مخلصون بل هم كمن يكذب الكذبة ويصدقها أو يعيش في وهم حتى يخيل إليه في نهاية الأمر أنه حقيقة. وهذا كله بسبب استحواذ الهوى عليه.

فهؤلاء أرادوا للحق أن يكون تابعا لأهوائهم أو لآرائهم وبالتالى " حسبوا " أو ظنوا أن ما تمليه عليهم الأهواء هو الحق و الصواب وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ . قال تعالى : إن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن ربهم الهدى أم للإنسان ما تمنى فلله الآخرة والأولى. وقال: لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ.


ولذلك فهذا الذي يعمل عملا وفق ما يمليه عليه هواه دون بينة وهو يحسب أن هذا الذي يفعله حسن فسعيه في ضلال. ولو كان مخلصا ومتجردا لما اختلط عليه الحق بالباطل و الحقائق بالأوهام.

فالخلاصة أن القرآن لا يقول بأن الإنسان الذي يتجرد في طلب الحق قد ينتهي به المطاف إلى ضلال سعيه وإحباط عمله.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البشارة في الإنجيل

مناهج الغربيين في الحديث النبوي

الفطرة وعلم الإدراك